دخل أبو دلامة على الخَلِيفةِ المَهديِّ، وعنده جَماعة من بَني هَاشم فقال له المَهديّ: إِن لم تَهْجُ واحدا مِمَّن في البَيتِ قَطعتُ أسنانَك، أَو ضربتُ عُنقَك، فَنَظر إِليه القَوم وكُلما نظر إِلى وَاحدٍ منهم غَمَزَهُ بأن علىَّ رِضاك، فقال أَبو دلامة: فَعلِمتُ أني قد وَقَعْت: وأنها عَزمة من عَزماتِه لا بدَّ منها، فلم أرَ أحداً أحق بالهـجَاء مِنِّي، ولا أَدْعَى إِلى السلامةِ من هِجَاء نَفسي، فقلت:
أَلا أَبْلِغْ لَدَيك أَبَا دلامَـه
فَلستَ من الكرامَ ولا كَرَامَه
إذا لَبس العِمَامَة قُلتَ قِرداً
وخِنْزيراً إِذا نَزَعَ العِمَامَه
جَمَعْتَ دمامة، وجَمَعتَ لؤما
كذاك اللأم تَتْبَعُهُ الدَّمَامَه
فإن تَكُ قَد أَصَبْتَ نَعِيم دُنيا
فلا تَفْرَحْ فَقَد دَنَتِ القيامه
فَضَحِكَ القومُ: ولم يَبْقَ منهم أَحد إلا أجازهُ