تجوب المدن لتبيع الملابس
مبتورة الساقين.. زوجة وحارس أمن في مدرسة
في قريةٍ هادئة تخلو من الأحداث اللافتة تقريبًا بإحدى قرى محافظات الوجه البحري في مصر، أصبحت عزة حدثًا ونموذجًا تتناقله الألسن؛ لبثّ الأمل في نفوس كل من أصابته مصيبة أو فقد عزيزًا.
هذا النموذج لم يأت من فراغ؛ بل إن صاحبته احتاجت لتحقيقه كثيرًا من الصبر والتحمل والرضا بقضاء الله، وعدم الاستسلام للظروف والعقبات.
فقبل عدة سنوات، وبينما كانت عزة في طريقها للمدرسة، فاجأتها سيارةٌ مسرعةٌ في منعطفٍ شديد الميل، فلم يكن أمامها إلا أمرين أن تلقي بنفسها في الترعة المجاورة أو تثبت في مكانها لتدهسها السيارة، فأعملت عقلها سريعًا واختارت أن تجلس على كومةٍ من الطين الفاصل بين الطريق وماء الترعة.
ومرت السيارة سريعًا، لكن بعد أن دهست جزءًا غاليًا من جسد الفتاة الصغيرة المقيمة، وهو ساقيها، الأمر الذي أبعدها طويلاً عن المدرسة خاضعةً للألم الرهيب ولأيدي الأطباء والعديد من الجراحات التي انتهت ببتر الساقين.
الحياة من جديد
ولكن الحياة لم تنته بعد، بل ربما تكون بدأت، فقد عادت مجددًا للمدرسة، بوجهٍ لا يعرف سوى الابتسام، وكأنه لا يجيد إظهار أي تعبيرات أخرى.. البعض فسر ذلك بأنها طفلة في العاشرة بعد من عمرها ولا تدرك عواقب الأمور، إلا أن الزمن أثبت غير ذلك؛ فلا ضحكتها المجللة سكتت ولا بسمتها الدائمة اختفت؛ كل ما جد عليها أنها أصبحت تستخدم كرسيًا متحركًا وحدها دون مساعدةٍ ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة.
وبحيويةٍ بالغة شاركت في الأنشطة المدرسية كافةً، خاصةً الإذاعة، بعد أن وفر لها أهل الخير ساقين صناعيتين تذهب بهما إلى كل مكان تبغيه.. وبدون الساقين أيضًا تستطيع أن تلعب وتقفز فوق أدراج الفصل على يديها فقط، وكأن الله عوضها فقد قدميها بقوةٍ هائلةٍ في يديها.
وفي غمار هذه الظروف أنهت عزة المرحلة الإعدادية بتفوق أيضًا إلا أنها اختارت أن تلتحق بالثانوية الفنية بدلاً من العامة حتى تستطيع أن تنهي دراستها سريعًا وتلتحق بالعمل.
وبالفعل أنهت دراستها الثانوية، لتبدأ مشوارها العملي بالتجارة في الملابس الجاهزة التي تجلبها من مدن مجاورة ثم تقوم ببيعها لسيدات القرية.
أم وموظفة
ورغم مخاوف الأهل من ألا تجد عزة زوجًا يرضى بها، إلا أن الله يسر لها بكثيرٍ من الخطَّاب الذين تقدموا لخطبتها حتى تزوجت بمن ارتضته وهي في التاسعة عشر من عمرها وأنجبت ثلاثة أطفال.
وخلال هذه المرحلة الجديدة لم تخلّ عزة يومًا بواجباتها المنزلية تجاههم، مرددةً دائمًا أن الحياة فكرة وتنفيذ، فكانت تخطط دائمًا كي تجعل حياتها المنزلية مريحة وتجعل كل شيء في متناول يديها، واحتفظت برغم مسئولياتها بمهنتها كبائعة ملابس تجوب البلاد كموردٍ إضافيٍ للرزق.
ومن فضل الله عليها أيضًا فقد تم اختيارها ضمن الخمسة فى المائة الذين تلتزم الدولة بتعيينهم من المعاقين، لكن وظيفتها جاءت كحارسة أمن في ذات المدرسة التى فقدت فيها ساقيها.
ورغم عدم مناسبة هذه الوظيفة لكونها امرأة ومعاقة في نفس الوقت إلا أن عزة استطاعت أن تؤدي عملها على أكمل وجه، ففي الصباح تنظم جموع التلاميذ المندفعة نحو المدرسة للمرور بسلام عبر طريق السيارات للبوابة والعكس حتى لا ترى قريتها يومًا عزة أخرى.
كما أنها تقوم بدوريات تدور فيها حول المدرسة لتمنع الأطفال من رشق شبابيك المدرسة بالحجارة أو تمسك بمن يحاول منهم تسلق سور المدرسة والدخول إليها وتخريبها.
مبتورة الساقين.. زوجة وحارس أمن في مدرسة
في قريةٍ هادئة تخلو من الأحداث اللافتة تقريبًا بإحدى قرى محافظات الوجه البحري في مصر، أصبحت عزة حدثًا ونموذجًا تتناقله الألسن؛ لبثّ الأمل في نفوس كل من أصابته مصيبة أو فقد عزيزًا.
هذا النموذج لم يأت من فراغ؛ بل إن صاحبته احتاجت لتحقيقه كثيرًا من الصبر والتحمل والرضا بقضاء الله، وعدم الاستسلام للظروف والعقبات.
فقبل عدة سنوات، وبينما كانت عزة في طريقها للمدرسة، فاجأتها سيارةٌ مسرعةٌ في منعطفٍ شديد الميل، فلم يكن أمامها إلا أمرين أن تلقي بنفسها في الترعة المجاورة أو تثبت في مكانها لتدهسها السيارة، فأعملت عقلها سريعًا واختارت أن تجلس على كومةٍ من الطين الفاصل بين الطريق وماء الترعة.
ومرت السيارة سريعًا، لكن بعد أن دهست جزءًا غاليًا من جسد الفتاة الصغيرة المقيمة، وهو ساقيها، الأمر الذي أبعدها طويلاً عن المدرسة خاضعةً للألم الرهيب ولأيدي الأطباء والعديد من الجراحات التي انتهت ببتر الساقين.
الحياة من جديد
ولكن الحياة لم تنته بعد، بل ربما تكون بدأت، فقد عادت مجددًا للمدرسة، بوجهٍ لا يعرف سوى الابتسام، وكأنه لا يجيد إظهار أي تعبيرات أخرى.. البعض فسر ذلك بأنها طفلة في العاشرة بعد من عمرها ولا تدرك عواقب الأمور، إلا أن الزمن أثبت غير ذلك؛ فلا ضحكتها المجللة سكتت ولا بسمتها الدائمة اختفت؛ كل ما جد عليها أنها أصبحت تستخدم كرسيًا متحركًا وحدها دون مساعدةٍ ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة.
وبحيويةٍ بالغة شاركت في الأنشطة المدرسية كافةً، خاصةً الإذاعة، بعد أن وفر لها أهل الخير ساقين صناعيتين تذهب بهما إلى كل مكان تبغيه.. وبدون الساقين أيضًا تستطيع أن تلعب وتقفز فوق أدراج الفصل على يديها فقط، وكأن الله عوضها فقد قدميها بقوةٍ هائلةٍ في يديها.
وفي غمار هذه الظروف أنهت عزة المرحلة الإعدادية بتفوق أيضًا إلا أنها اختارت أن تلتحق بالثانوية الفنية بدلاً من العامة حتى تستطيع أن تنهي دراستها سريعًا وتلتحق بالعمل.
وبالفعل أنهت دراستها الثانوية، لتبدأ مشوارها العملي بالتجارة في الملابس الجاهزة التي تجلبها من مدن مجاورة ثم تقوم ببيعها لسيدات القرية.
أم وموظفة
ورغم مخاوف الأهل من ألا تجد عزة زوجًا يرضى بها، إلا أن الله يسر لها بكثيرٍ من الخطَّاب الذين تقدموا لخطبتها حتى تزوجت بمن ارتضته وهي في التاسعة عشر من عمرها وأنجبت ثلاثة أطفال.
وخلال هذه المرحلة الجديدة لم تخلّ عزة يومًا بواجباتها المنزلية تجاههم، مرددةً دائمًا أن الحياة فكرة وتنفيذ، فكانت تخطط دائمًا كي تجعل حياتها المنزلية مريحة وتجعل كل شيء في متناول يديها، واحتفظت برغم مسئولياتها بمهنتها كبائعة ملابس تجوب البلاد كموردٍ إضافيٍ للرزق.
ومن فضل الله عليها أيضًا فقد تم اختيارها ضمن الخمسة فى المائة الذين تلتزم الدولة بتعيينهم من المعاقين، لكن وظيفتها جاءت كحارسة أمن في ذات المدرسة التى فقدت فيها ساقيها.
ورغم عدم مناسبة هذه الوظيفة لكونها امرأة ومعاقة في نفس الوقت إلا أن عزة استطاعت أن تؤدي عملها على أكمل وجه، ففي الصباح تنظم جموع التلاميذ المندفعة نحو المدرسة للمرور بسلام عبر طريق السيارات للبوابة والعكس حتى لا ترى قريتها يومًا عزة أخرى.
كما أنها تقوم بدوريات تدور فيها حول المدرسة لتمنع الأطفال من رشق شبابيك المدرسة بالحجارة أو تمسك بمن يحاول منهم تسلق سور المدرسة والدخول إليها وتخريبها.